بعد ست سنوات عجاف في الصيدلة (السريرية) ..
بمسارها الجديد ، والوعود التي تلف حولها بمستقبل وظيفي جميل ..
وإذ أنت حامل شهادتك الدراسية وتصنيفك الوظيفي .. بعدما أطبقت على أذنك تماما عن كلام الناس المحبط ، والذي دائما كان يكرر على الدوام بأن لا مستقبل وظيفي و لا مكان فوري سيعينك في منشأته الصحية ..!!
والأمثلة الشاهدة أمامي كثير و حقيقية فالكثير ممن كان في قاعات الدراسات من الدفعات التي تسبقنا كانوا ملازمين منازلهم لا يغادرونه و لا ينفكون عنه ، لا لشئ ، ولكن لأنه لم يحتضنهم مكانا يقضي عليهم بدوام رسمي ، وبمرتب رسمي !!
قبل كل ذلك ، وقبل أن أصل لآخر سنة في الدراسة كنت قد سمعت كلاما مليئ بالسلبية و عدم الإيمان بالاقدار الجميلة ، ولم أعلم يوما بأني صدقتهم !!
كنت أغلق عيني ، وأنظف أذني ، وأمشي بعيدا عمن كانت أفكاره قرينة السلبية و عدم العيش في عمل حقيقي مع أمل حقيقي ، كأن تركز على نفسك وتطور من ذاتها اليوم تلو اليوم والساعة تلو الساعة .. فبهذا ستصد عنهم ، وستلتهي عن سلبيتهم المقيتة !
تخرجت من جامعتي التي لا تختلف كثيراً عن أغلب جامعات المملكة بنظامها التعليمي الذي تفتقر فيه إلى أبجديات التطبيق ، فكانت الحصيلة كمًّا كبيرا من المعلومات النظرية ، والتي قد تدحض بالممارسة ولا يكون لها معنى ذو قيمة في سلم التطبيق والذي دوما ما اقترن بالدراسات المنشورة العلمية المطبقة الحديثة في منشأة صحية قابلة للتحديث والتغيير ربما كل يوم !!
إنطلقت نحو عاصمة الفرص الوظيفية ، ومأوى أفئدة البطون الجائعة ، نحو تلك المدينة المأهولة في وسط الصحراء بكم الناس الكبير ، هي ((الرياض)) .. التي لا أذكر بأني قد أقمت بها أكثر من أربع ليالي ، صارت جزءاً مني ومن كياني وقصة من قصص الحياة التي عايشتها لمدة ستة أشهر في سنة الامتياز الصيدلية ..
عدت من جديد بعد إقامة قليلة المدة حيث ((أبها)) المدينة التي ترعرعت وكبرت فيها من طفل لين العود ، وصولا بشاب في مقتبل العمر شديد العود .. !
كنت وعلى نهاية سنة الامتياز قد مررت بالعديد من المنشأت الصحية (الحكومي منها و الخاص) ملقيا عليهم التحية ومسلما إياهم مثل من كان قبلي سيرتي الذاتية التي تحكي عن الشاب في صورة موجزة عن ماهية شخصيته و خبراته و شهاداته التي تشجع المؤسسة على توظيفه !
كنت وخلال رجوعي البسيط لمدينتي الحالمة (أبها) قد أعدت العدة و طورت من نفسي وكأني لم أتخرج أبدا و لم أتعلم أبدا و لم أدرس قط ، رجعت لبعض المراجع تلك التي كانت قابعة في خزانة الكتب ، أقرأ فيها مدة الساعة و النصف ، وأسمع في طريقي إلى النادي الرياضي الذي يبعد ٢٠ دقيقة من البيت ما يدّعم ما قرأت ويثبت معلوماتها .. سواء في علم الدواء أو العلاجيات ، وأضفت لها طبقا ومن مقاطع اليوتيوب ما إستطعت إستيعابه و تطبيقه والتحضير إليه في (المقابلات الشخصية) ..
كان كل ما فعلته صحيحا وعلى وجه صحيح ، تلقيت إتصالا من جهتين و ظيفيتين الأولى حكومية و الأخرى خاصة .. بعد إغلاقي للهاتف من كلتاهما كنت أضحك على أولئك القابعين في ظلالهم التشاؤمي البحت ، ها هو نور جديد أطل دون أن أسعى إليه بسلبيتي ، ألم أقل لك بأني كنت أعمل على تطوير ذاتي و أغلق عيني و أذني عن كلامهم السوداوي الذي يضرك و لا ينفعك !
شاءت الأقدار أن أختبر لدى المنشأتين ، الخاصة منها قد قبلتني بعد إختبار ورقي و ومقابلتين شخصية مع فردين من مسؤوليها ، كانت المدة فقط أسبوعا منذ أول مقابلة حتى مباشرتي معهم في وظيفتهم الجديدة !
ولك أن تعلم بأنها تجربة ثرية إستفدت منها كثيراً ، فوق ما أتصور ، إنتهيت منهم بعد سبعة أشهر ، بعدما قمت خلالها بالتقديم في أربعة منشأت أخرى كانت فيها حوالي ١٠ إختبارات ما بين شخصية و معلوماتية ..
كان من نصيبي إحداها سأبدأ معهم قريبا ، وبمستشفى حكومي مرموق ، وبتجربة جديدة ستكون حتما ثرية وستكون في الرياض !
رسالتي بأن تطور من نفسك .. ليس عليك بالاخرين الذين لا ناقة لهم و لا جمل غير تلك الجمل السلبية التي تحيط كيانهم ، وتجعلهم قابعين حيث هم و بلا حراك !
غير من نفسك ، والزمان كفيل بمكافئتك ..
للاشتراك في نشرتنا البريدية:
https://gohodhod.com/@aziznotes/issues/575?preview_token=e512e2a9-7ec7-47b2-955e-13ef39ff7df9